كنا والى فترة طويلة، وبالتحديد إلى عقد السبعينات، من القرن المنصرم لا سيما، وأنني من مواليد بغداد عام 1965م. نتصور أو بالأحرى، نتوهم نحن كورد الوسط “أي جهات وسط العراق” بأن نمط اللغة الكوردية المتداولة ما بين جموعنا الفيلية ما هي إلا لهجة إيرانية؟! بسب الجهل المطبق، بحقيقة استقلالية اللغة الكوردية ومن أن فيها لهجات متعددة حالها في ذلك حال جميع اللغات الحيّة.
لقد وقفنا على حقيقة! استقلالية اللغة الكوردية، حتى في لهجة منسية من لهجاتها البعيدة عن المناطق الداخلية من كوردستان العراق، والتي ينتشر ثلثي الناطقين بها خارج مناطقهم الإقليمية في هذا البلد. والتي تشكل الجهات الشرقية من العراق الأوسط، وبعض الجهات الشرقية من جنوبه؛ وهم طيف واسع من الشعب الكوردي في العراق.
لقد وقفنا على هذه الحقيقة الموضوعية، عندما بدأ التلفزيون العراقي، في نهاية عقد السبعينات (1978-1979م)، القناة الثانية في حينه، بعرض الأغاني الفارسيّة، ضمن فقرة المنوعات الأجنبية. فوقف أكثرنا مذهولاً مستغرباً من انعدام الشبه اللغوي، بين كوردية أواسط العراق، وبين اللغة الفارسية!! بل نادراً ما كان، ولو شخص واحد يستطيع، فهم مفردة يلتقطها بصعوبة، يوضح معناها عن طريق مقارنتها لفظاً مع كلمة في اللهجة الفيلية لم نكن نتصوّر ككورد نعيش في وسط العراق ساد بين ظهرانينا وهم، بأن اللغة الكوردية، والفارسية شي واحد؛ إن مجرد تغيير اللفظ، والصوت يمكن له أن يضيع المعنى بهذا الشكل الغريب فتأكد لنا، أن الشبه بين كوردية وسط العراق من جهة، واللغة الفارسية من جهة أخرى هي شبهه مزعومة! ودعاية مفبركة، معدة لغرض ثقافي يمكن أن تستفيد منه إيران لا غير أما موقعنا كجزء من الشعب الكوردي يعيش في وسط العراق، وفي محيط تنتشر فيه هذه المزاعم، فليس أكثر من فقدان الهوية الوطنية وتشويه لغتنا القومية، لغرض أعده النظام الشاهنشاهي البائد في إيران، وكذلك النظام البعثي المقبور أيضاً لغرض ما من أغراضهم السياسية.
كان من الممكن أن نطرب لسماع الأغاني الفارسية، كما يطرب أي شخص لسماع اغنية تركية أو هندية، أو أي أغنية أجنبية عندما تكون خفيفة على السمع، شجية اللحن ولكن أن نفهم، فهذا هو الكذب والخداع بغينه. بلى هناك أقلية لُرية (من الكورد المحليين الذين يتكلمون بلغة مشابهة للغة الفارسية؛ إن معرفة هؤلاء القسم القليل، لا سیما الکورد القاطنين في منطقة بدرة، مركز القضاء، ضمن محافظة واسط في العراق، للغة الفارسية لا يعد فهماً تاماً لكلام البرامج الفارسية الموجهة. لأن بعض هؤلاء من الذين كانوا يقيمون معنا في نفس الحيّ، كانوا يفهمون جزء من كلام الأغاني والباقي لا يفقهون منه حرفاً واحداً، سوى ادعاءات كاذبة، لإظهار الذكاء، والتفوق على نظرائهم، وأقرانهم لا أكثر، ولا أقل.
إن رسوخ هذا التصوّر، ما معناه وجود شبه بين اللهجة الفيلية واللغة الفارسية، وهذا خطأ شائع يعود إلى ما يلي من أسباب:
أولاً: انعدام صيغة كتابة خاصة، تدون بها كوردية وسط العراق، وبعض الجهات في جنوبه، كيما يتم الوقوف عن طريقها على أصالة اللهجة الفيلية، ونسبتها لسانياً ولغوياً إلى اللغة الكوردية؛ مما ساعد على دوام هذا الوهم وبقاء هذه الفكرة القاصرة بين الجميع دون استثناء.
ثانياً: انعدام المعرفة الحقيقية، لدى فيلية العراق باللغة الفارسية، إلا من قلة قليلة، كيما يتم مقارنتها جديّاً باللغة الكوردية. لا سيما اللهجة المنتشرة منها في وسط العراق.
ثالثاً: عدم وضوح الرؤيا لدى البعض (وليس الكُل) من اللغويين الكورد، لا سيما الكتاب والمثقفين، عن استقلالية اللهجة الفيلية عن الفارسية. بسبب التركيز على لهجات أخرى لها أسلوبها الأدبي وصيغة الكتابة الخاصة بها. كاللهجتان البادينانية والسورانية.
إننا حين قلنا عدم وضوح الرؤية القومية لدى بعض وليس الكل من اللغويين الكورد، في استقلالية اللهجة الفيلية عن اللغة الكردية. فأن نسبة هذا البعض في الحقيقة كبيرة جداً، بما يجعل من عددها القاعدة، والباقي الذي يعتقد بواقعية استقلالية اللهجة الفيلية عن الفارسية هم القلة القليلة التي تشذ عن هذه القاعدة. وهذه من أكبر المعضلات التي تؤخر في الحقيقة اعتراف الغالبية من الجمهور الكوردي داخل كوردستان بما في ذلك المثقفين والمتعلمين بكوردية، أو قُل أصالة اللهجة الفيلية على صعيد الانتماء القومي.
رابعاً بُعد مناطق اللهجة الفيلية عن مراكز الإشعاع الثقافي الكوردي في كوردستان، لأن إقليم هذه اللهجة، ليست سوى منطقة أطراف بالنسبة لإقليم كوردستان، فضلاً عن تداول هذه اللهجة، حتى خارج مناطقها التقليدية (خارج المناطق الشرقية من محافظة ديالى والشمال الشرقي من محافظة واسط، والشمال الشرقي من محافظة ميسان) بالتحديد. فلا يمكن والحالة هذه، أن تنال الاهتمام المطلوب كما هو الحال مع اللهجات التي تنتشر في داخلية المناطق الكوردية في إقليم كوردستان.
خامساً: وجود ثلثي السكان الكورد قي وسط العراق، خارج المناطق الأصلية التي جاءوا منها، والتي هي مناطق ريفية بالدرجة الأساس، بسبب ما أصاب الريف العراقي في العهود السابقة من إهمال، وبسبب انقطاع موارد المياه التي كانت بيد إيران. في فترة الثلاثينيات من القرن المنصرم.
- مما سبب النزوح الهائل، من المناطق الكوردية الأصلية، وهي مناطق حدودية برمتها ، أي الجهات الحدودية الشرقية من العراق إلى داخل العراق، وفي المحافظات الوسطى كبغداد وديالى، وواسط، وبابل هذا من جهة.
- وبسبب عمليات التهجير في المناطق الحدودية من شرقي العراق، من قبل الدولة في أعوام 1970م -1971م قبل الإعداد لبيان الحادي عشر من آذار عام 1970م . الخاص بمنح الحكم الذاتي للكورد في المحافظات الثلاث: السليمانية، أربيل، دهوك فقط من جهة ثانية.
- كما إن اندلاع الحرب مع إيران بين أعوام1980-1988كان دافعاً قوياً آخر أدى إلى الجلاء أو النزوح الطوعي لبقية الكورد في هذه المناطق من شرق العراق، وهو إقليمهم الفعلي حتى صارت بضع عوائل فيلية هنا وهناك متفرقين عن بعضهم، لا يعني أي شيء لدى غير المطلع عن تاريخ الهجرة في هذه الجهات، عن صلة هذه الأراضي بالشريحة الفيلية، ومن كونها كانت في يوم من الأيام، موطنهم بالنسبة لوجودهم في العراق.
سادساً: اعتقاد اللغويين الكورد قاطبةً (عدا قلة قليلة) أن كورد الوسط في العراق من عشيرة (لُر)، وعدم مقدرتهم التفريق بين الأقلية اللُرية، والموجودة بين باقي الكورد المحليين، الذين هم خليط من عشائر كوردية محلية، لنسبة كبيرة منها، فروع في شمال العراق، بما في ذلك إقليم كوردستان وتسمى من باب التعميم بالفيلية نحو:
عشيرة السورەميري، دلو، زندي، صالحي، شوان، قرالوس، باجلان، زنگنه، أركوازي، كلهر، زهاوي، داودي... إلى آخره.
فإن كانت الرؤية واضحة بالنسبة لنا نحن كورد الوسط في العراق، في أن الأقلية الهورامية في حلبجة وما جاورها، ضمن مناطق السليمانية تتكلم بلهجة گورانية، وتفريقهم عن الغالبية التي تتكلم بالكرمانجية الوسطى المسماة لدى عامة الكورد في العراق باللهجة السورانية.
فإن مثل هذه الرؤية، يفتقد إليها ليس عامة الناس فقط، في المنطقة الكوردية (مناطق سوران) بل حتى اللغويين الكورد أنفسهم في كون عشيرة لُر عشيرة ضمن باقي العشائر الكوردية المحلية في وسط العراق وجنوبه، وليست العشيرة الأم لتلك العشائر.
- يقول المحامي ثامر عبد الحسن العامري في موسوعة العشائر العراقية، في الجزء السادس الخاص بالعشائر الكوردية، الصادر في بغداد عام 1993م، في الصفحة 162 ما هو نصُّه: “يبدو أن الفيلية، مصطلح عام يشمل اللُّر أيضاً” إنتهى المقتبس.
- كما يذكر المحامي نجم سلمان مهدي في كتابه القيم “الفيليون” صادر في إستكهولم السويد عام 2000م، الصفحة 114 ما هو نصه: “والحال أن اللُّر مجرد، قبيلة واحدة من القبائل الفيلية...” إنتهى المقتبس.
- وإنتهى الدكتور منذر الفضل في كتابه دراسات حول القضية الكوردية ”الصادر في أربيل” عام2004م الصفحة 68 إلى القول: “الكورد الفيليون، الأصل الحقيقي للشعب اللُري، والأخير جزء من الشعب الكوردي” إنتهى المقتبس.
- إلى جانب ذلك، فالدكتور محمد عبد الله عمر وفي بحث نشر له في العدد “4222” من جريدة التآخي، تحت عنوان “فيلي” والصادر في بغداد بتاريخ 5/5/2004م أفاد بالقول: “كلمة فيلي، أوسع من كلمة”لُر” لأن الأولى ذات مدلول لغوي ، سياسي بينما كلمة “لُر” تعد إسماً لعشائر كوردية هي جزء من الشريحة “الفيلية”. إنتهى المقتبس.
خريطة رقم (1) تمثل مناطق انتشار (لهجات) اللغة الكردية وموقع اللهجة الجنوبية بين بقية اللهجات كما وردت في كتاب الاستاذ هيوا زندي (مقترح الكتابة بالهجة الفيلية) |
|
-يقول الدكتور محمد تقي جون الأستاذ المساعد، في مادة الادب (جامعة واسط)، في بحثه المشوق، والذي جاء على شكل كتاب بعنوان: "قصة الكورد الفيليين" في الصفحة 59 طبعة النجف الاشرف 2012
-((واليوم يرفض الفيليون، أن يحتسبوا على اللُر؟!، ويؤيدهم اللُريون في ذلك؟!!)) انتهى
-كما يقول في الصفحة 61 من نفس المصدر، قصة الكورد الفيليين
((وفيليو ايران يعدون التقسيم: على لُر كبير، ولُر صغير تقسيماً ادارياً فقط، لأنه ليسوا من الالوار)).
كما يوضح في الصفحة 83، من قصة الكورد الفيليين، أي الدكتور محمد تقي جون مستطردا ًبالقول: ((وقد وصلت الخصوصية، درجة أن علاقة الفيليين (الپشتكوهيين) باللُريين، صارت محط جدل!! وقد أكد لي الدكتور (طيب أفشار) نائب محافظ ايلام، ان الفيليين لا يمتون بصلة الى اللُر!؟ على الرغم من الجامع الكوردي بينهما، وان التقسيم على لُر كبير و(لُر صغير- پشتكو) تقسيم سياسي لا اصولي؟! ونحن نرفضه رفظا قاطعاً!! وترجاني ان أوضح هذا الامر في كتابي)) انتهى.
-وعلى الصفحات 65، 66 من دراسة اللهجات الكوردية الجنوبية الدكتور إسماعيل قمندار (بغداد، مكتبة عدنان، 2014) نقرأ:
((لقد شرع في العقود الأخيرة، عدد من الاكراد الجنوبيين العراقيين على احتكاك، بالاوساط السياسية والثقافية السورانية والكرمانجية في العراق، بارتكاب او تكرار نفس خطأ المؤلفين الذين اشرنا اليهم فتراهم يطرحون انفسهم كلور، أو كأكراد لُر، أو انهم يتكلمون اللُرية! وهم في ذلك ربما يظنون بهذا الطرح" وهم في غفلة من الحقيقة الميدانية اللهجية، والعرقية للُر، أنهم علميون او أكثر علمية" ويترتب على هذه الاستخدام المضلل للفظة (اللُر) واللُرية سلسلة نتائج مضحكة، واحيانا محزنة، اذ عندما يصف اكراد جنوبيون عراقيون انفسهم خطأ باللُر، أو انهم يتكلمون باللُرية، فانهم يقعون بالتالي في محرج إزاء استغراب المجاميع السكانية اللُرية الحقيقية منهم، والتي هي تتكلم فعلا، وحقاً باللهجات اللُرية المتميزة تماماً عن الكوردية الجنوبية)) انتهى.
-وعن الصفحتان 64، 65 من اللهجات الكوردية الجنوبية للدكتور إسماعيل قمندار نقرأ:
((ويمكن تسليط انارة إضافية على هذا الواقع اللغوي، أو اللغوي الاجتماعي الذي استعرضناه نقدياً، من خلال بعض العبارات الشعبية، التي اخترنا من بينها اثنتين، الأولى من منطقة ورزميار العراقية (بالقرب من زرباطية) وهي صياغة تستعمل للتعبير عن جزع الشخص وعجزه عن افهام الشخص المقابل له مضمون حديثه، فيقول له يائساً:
چە لوڕی وەردت ئیشم؟ a lori wardet išem?Č
وهل اني أتكلم معك باللُرية؟ (بمعنى: لماذا لا تفهمني؟)
والعبارة الثانيةهي مثل مجحف ومنتشرعند الغالبية غير اللُرية في پشتكو، وفيه قدح للُر بسبب (انانيتهم) المزعومة "وقلة كرمهم" والمثل مسبوك لهجياً بالفرع الكوردي الملكشاهي.
داڵگ خوریَ وە کوڕ نییَ dâḻig xware wa koṟ nye
کەس دؤت خویَ وه لور نییَ kas dwate xwe wa loṟ nye
حرفياً:
((الام تأكل ولا تعطي لإبنها))، ((لا يعطي الشخص ابنته للري))
وبشكل غير حرفي
تأكل الأم ولا تطعم ابنها
لا يعطي الانسان العاقل ابنته زوجة لرجل لري.
ويستمر التمادي بالخطأ، حول اللُر عند هؤلاء المؤلفين الأكراد العراقيين بولوجهم أبعد من ذلك، في منحى تفكيرهم واستنتاجاتهم منطلقين من مسلمة غير صحيحة قائمة على ما يلي: طالما ان الپشتكوهيين واللك، وفيلية العراق وبحسب ظنهم الخاطئ والمشوش، هم من اللر الذين لا يراودهم أي شك حول كورديتهم، اذن فاللر الآخرون هم أيضا أكراد! ويستمر اضطراب الرؤيا والخلط بين المفهوم الجغرافي القديم لمصطلح امارة لورستان، وبين الحقيقة الاثنية واللغوية لواقع هذه، المنطقة (التي استعرضناها أعلاه)..." انتهى
-أشار المحامي عباس العزاوي في صفحة 174، في عمله التاريخ- تاريخ الفيلية (تحقيق الأستاذ حسين احمد الجاف) بغداد، عام 2003) وهو مانصه:
((ان الناس عندنا في العراق العربي، يسمون اللور الصغرى بالجبل والقوم بالفيلية. ولا ينطقون بلفظ اللور الصغرى، المعرفة عند الفرس بلوري كوچك)) ما يؤكد بالدليل الملموس انتفاء صلة اللور بالفيلية، وانتفاء صلة الفيلية باللور. ومن كون تسمية الفيلية باللور جاء، من باب التنسيب الاداري والجغرافي، وليس العشائري او الاثني رغم الجامع الكردي بین اللور والفیليين.
-نقطة على غاية الخطورة، والاهمية اذا كان الفيليون على هذه الدرجة من الصلة بالالوار، فلم لم يذكر العلامة البدليسي في عمله التاريخي عام 1596 (الشرفنامه) لقب الفيلي عند تناوله تاريخ امراء اللُر، في لُرستان وماحولها!؟ ان لذلك دلالة واضحة في انعدام صلة هذا اللقب، الذي يعود الى الشريحة الفيلية بالالوار، ما يؤكد الرأي الذي ينفي صلة الفيليين باللوريين او بالعكس.
ونستطيع أن نتأكد من أصالة الكوردية الشائعة، في وسط العراق (كإضافة تتطلبها الحقيقة التي شوِّهَتْ على حساب هذه اللهجة المشمولة بالبحث، من خلال المقارنات التالية بين الفيلية، والكوردية السورانية من جهة، واللغة الفارسية من جهة أخرى ومن جهة ثالثة بين الفيلية، والكوردية الهورامية، والكوردية البادينانية أيضاً. من أجل أن نتمكن من أن نرى بوضوح، أن كوردية وسط القطر وهي الفيلية أقرب ما تكون دنواً من الكوردية السورانية، واللهجات الكوردية الأخرى كالبادينانية والهورامية. وأبعد ما تكون تناءياً عن اللغة الفارسية والمقارنات أدناه تثبت هذه الحقيقة وتوضحها بشكل لا لبس فيه:
وتوجد بخصوص كلمة (الثنية أو الثبنة حسب لفظها في الفصحى) مرادفات كثيرة في اللهجة السورانية مثل: دەرقاچە، دەرقاچگە، قولیچان، دەرەلنگ، پالیم..الى اخره
من هذه المقارنة يظهر بجلاء أن الصلة بين الفيلية من جهة، والهورامية والسورانية من جهة، صلة وسط بين هاتين اللهجتين- أي أن الفيلية تستطيع أن تلعب وهذه هي وضعيتها بالفعل (دور حلقة الوصل) بين السورانية والهورامية.
مقارنة أخرى بين الفيلية من جهة، والسورانية والبادينانية من جهة أخرى
من هذه المقارنة البسيطة، يظهر ان الفيلية ذات صلة متساوية بين البادينية والسورانية في آن واحد
مقارنة اخرى بين الفيلية والسورانية من جهة واللغة الفارسية من جهة أخرى.
ما عسى أن نقدم، بعد ذلك من أدلة، على قُرب اللهجة الفيلية من السورانية.
ملاحظة مهمة وضرورية:
توصل ذوي الاختصاص والرأي بين أوساط، ودوائر اللغويين والاكاديميين الاكراد. سواء في ايران او في العراق مؤخراً، الى إقرار مصطلح (اللهجة الجنوبية) كتسمية دقيقة مناسبة. وكتسمية علمية صائبة، للتعبير عما نريد ان نسميه أو نعتبره (لهجة فيلية). وتتمثل هذه التعابير، والتسميات بمصطلح: لەهجەی باشوور – شیوەی باشوور أي (اللهجة الجنوبية)! وكذلك تسمية (کوردی خوارگ) أي الكردية الجنوبية للإشارة الى اللهجة مدار البحث. راجع بشأن ذلك: فەرهەنگی باشوور (قامووس الجنوب) لهجات: كرماشان، ئيلام، لرستان (خرماباد) للباحث عباس جليليان. صادر عن (دار آراس) أربيل علم 2005. راجع كذلك مصنف الدكتور إسماعيل قمندار، والذي جاء على شكل موضوعات علمية، وتحقيقات ميدانية تحت عنوان: دراسة اللهجات الكوردية الجنوبية. صادر عن مكتبة عدنان، بغداد عام 2012. كما ان الارسال التلفزيوني لفضائية (نوروز تيڤي) التي تبث عبر السويد! تعتمد مصطلح (کوردی خوارنگ)!! الكوردية الجنوبية، عوضاً عن تسمية اللهجة الفيلية التي تتبناها تلك القناة؟! علاوة على ان علماء اللغة واللسانيات، والباحثون في اصل اللغة الكوردية، وفروعها من الأجانب ايضاً. يطلقون على مانسميه بـ(اللهجة الفيلية) تسمية (الكرمانجية الجنوبية)، بعدما كانت هذه التسمية، تطلق تحديداً على اللهجة السورانية وحسب!!
غير انهم بعد النظر، والتحقق إرتأوا تسمية اللجة السورانية، بالكرمانجية الوسطى كونها أي هذه التسمية الأكثر، والأكثر دلالة وتطابقا مع واقعها الجغرافي واللغوية. في حالة ما اذا اسميناها بالكرمانجية الجنوبية، ومن كون الترويج لمصطلح، او مسمى الكرمانجية الجنوبية إشارة الى اللهجة الفيلية بالذات، أولى بالاخذ والتداول على مستوى القواميس، ومن ثم على صعيد التعليم مستقبلاً، وسائر مايتعلق بمجالات البث، والكتابة، والنشر... وما الى ذلك من أوجه ونشاطات الترويج والتعامل لدى تفعيل وتداول هذه اللهجة.
أدلة مهمة أخرى:
غير انهم بعد النظر، والتحقق إرتأوا تسمية اللجة السورانية، بالكرمانجية الوسطى كونها أي هذه التسمية الأكثر، والأكثر دلالة وتطابقا مع واقعها الجغرافي واللغوية. في حالة ما اذا اسميناها بالكرمانجية الجنوبية، ومن كون الترويج لمصطلح، او مسمى الكرمانجية الجنوبية إشارة الى اللهجة الفيلية بالذات، أولى بالاخذ والتداول على مستوى القواميس، ومن ثم على صعيد التعليم مستقبلاً، وسائر مايتعلق بمجالات البث، والكتابة، والنشر... وما الى ذلك من أوجه ونشاطات الترويج والتعامل لدى تفعيل وتداول هذه اللهجة.
أدلة مهمة أخرى:
- من الأدلة على أصالة الكورد، في وسط العراق وجود اصطلاح (كوردياتي) في لهجتهم الفيلية وهي نفس اصطلاح (کوردایەتی) في السورانية والتي تعني الأصالة الكوردية، بما يوازي لدى العرب اصطلاح (عروبة).
- من جانب آخر نرى في اللهجة الفيلية إصطلاحات وتسميات، لا يمكن تفسيرها او معرفة معانيها إلا بالاستعانة باللهجة السورانية. فعلى سبيل المثال:
قلاير (قەڵایر) اسم مدينة في لرستان معناها جسر القلعة، أو قنطرة القلعة، من أصل (قەڵا) أي القلعة، وكلمة يرد بمعنى جسر، ولا يمكن معرفة كلمة يرد إلا بمقارنتها بكلمة پرد في السورانية بنفس المعنى، بينما كلمة جسر في الفارسية هي پل-پول، أو فل-فول.
وهذا مثل بسيط، من بين العشرات من الأمثلة على صلة الفيلية بالسورانية، وغيرها من اللهجات.
- كما نلاحظ أن اللُر البختياريين، أحدى العشائر الفيلية، في إيران. في محافظة (چهار محل) المتاخمة لمحافظة أصفهان، ان مركزها يسمى (ِشهرکرد- شارى كورد) أي مدينة الكورد! في حين أن مركز محافظة (چهار محل) متمثلة بـ(شارى كورد)، تبعد عن محافظة كوردستان الايرانية بنحو 750 كيلومتر تقريباً. وهذا بحد ذاته دليل كافي على الجذر الكوردي للفيليين بما فيهم عشيرة البختياري.
من ناحية ثانية فإن وجود بعض الكورد السورانيين، من الذين يموهون كوردية اللهجة الفيلية وبمختلف الطرق ما يضيع على الأقوام المجاورة للكورد الفيليين كالعرب والتركمان كوردية هذه اللهجة، ما يجعل من هذا التمويه والالغاء القومي دليلاً لدى الآخرين بإنعدام الصلة بين اللهجة الفيلية ونظيراتها الأخرى كالسورانية نفسها ثم البهدينانية، فالهورامية.
إن اللجوء إلى إتهام الفيليين (خاصة لدى متطرفي السُّنة من الكورد في منطقة سوران) بأنهم يتكلمون الفارسية، أو إحدى لهجاتها، أو بلغة إيرانية جاء استناداً إلى كون الفيليين قاطبة من الشيعة كسبب لهذ الظن بالمقام الأول والأخير!. ومرد هذه الفكرة، أن إيران هي الموطن الأصلي للتشيع حسبما يذهبون إليه من تصورات وإجتهادات، وهم واهمون لا شك فيما ذهبوا إليه.
ناهيك عن إعتقاد الكثير من الفيليين أنفسهم بأن الكوردية تشبه الفارسية، وجهلهم بكون اللغة الكوردية مستقلة عن الفارسية، بسبب كون الفيليين لا ينشأون على الدراسة باللغة الكوردية أو يقرأوون ويكتبون بها سواء في إيران أو العراق، إلا ما شذ وندر من قلة قليلة معدومة التأثير، يتعلمون القراءة والكتابة في ظروف استثنائية، خاج بيئتهم ووسطهم الاجتماعي.
علاوة على رواج النظرية القائلة بكون الكوردية هي عامية الفارسية، بين نسبة لم تكن أبداً بالقليلة، إلى وقت قريب جداً من الوقت الحاضر. فمن الطبيعي أن من يعتقد أن الكوردية لهجة من الفارسية، أن لايفهم أو يفقه! استناداً إلى هذا الفكر القاصر استقلال اللغة الكوردية نفسها كلغة قائمة بذاتها، ومن الطبيعي إلى جانب هذا الاعتقاد أو الفكرة المحدودة أن يجهل معنى او حقيقة كون الفيلية بالتالي، مجرد لهجة من هذه اللغة، المنسوبة كفرع حسبما يتوهمون إلى اللغة الفارسية، لا كلغة مستقلة عنها.
لقد أصبح من البديهي، بين أوساط وظهرانيي المقتنعين بهذه الفرضية، عدم النظر إلى اللهجة الفيلية ذاتها خارج الصلة باللغة الفارسية فمن يرى أن الأصل كله تابع للغة الفارسية، فمن المستحيل أن يسلم أو يقنع بأن جزءاً من هذا الأصل وهي الفيلية خارج هذه الصلة الافتراضية باللغة الفارسية.
والنتيجة من وراء هذا الجهل، والحرمان أيضاً من وسائل العلم من التحصيل باللغة الكوردية واتخاذها أداة للتواصل القومي، إلى جانب هذه الأفكار القاتمة والمشوّهة إلى اللهجة الفيلية والتي أصبحت أو تكاد للأسف أن تكون ثوابت مأخوذ بها على حساب الحقيقة العلمية التي تناقض مثل هذه الهواجس والتي ينعكس مردودها على التوجه القومي لدى الكرد الفيليين في العراق عموماً، أن دور هذه الشريحة أصبح هامشياً بل يكاد أن يكون معدوماً فلا ممثل في البرلمان أو الجمعية الوطنية ولا حزب له جماهيرية واسعة كي يحقق هذه الغاية أو مدارس، تدرس بهذه اللهجة، أو مجرد محطة فضائية تبث بها برامجها أو فقراتها المتنوعة، أما انعدام الصحيفة الناطقة بالكوردية الفيلية فهذه عقبة أخرى، فمن أين لمثل هذه الصحيفة أن تظهر دون قراء تعلموا في المدارس القراءة والكتابة بها.
ولأجل وضع النقاط على الحروف، وابراز الكثير من المخفي، بل الذي كاد أن يطمس ويتلاشى من الشواهد، والحقائق، والدلائل وغيرها من الاثباتات على صدق صلة الفيلية في العراق بتربة هذا البلد، وحقيقة صلة الفيليين في العراق بشعبه الكوردي وبلغته القومية جاءت دراستنا أو قُل جولتنا السريعة هذه حول واقع اللهجة الفيلية، وما يعترض سبيل بروزها كلهجة تفتقد إلى المدارس والصحف، والفضائيات للتعريف بهذه المعوقات، ولنا أمل كبير بظهور من سيذلل هذه العقبات، ومن ثم القضاء عليها كمسؤولية ستنهض بها الأجيال اللاحقة، من أبناء شريحتنا النجباء..
وعليكم السلام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق