ما هكذا تكون الكتابة عن الكرد الفيليّين!!
أهي إشادة، أم تشهير بالكرد الفيليين - جمال حسن المندلاوي
![]() |
العدد الثاني، مُلحق مجلة "فەيلى"، عدد تموز 2009 |
فوجئت وأنا أُطالع، صفحات العدد الثاني، من مُلحق مجلة "فەيلى"، عدد تموز عام 2009م، المصادف لشهر رجب عام 1489هـ. والذي جاء تحت عنوان إبراهيم (ع)، بين الكرد الفيلية، والسادة العلوية، تحقيق، وتأليف محمد عبد الله عمر، والذي وصل إلى يدي، عن طريق الأستاذ عدنان رحمن، عضو البيت الكردي، في مؤسسة شفق، للثقافة والإعلام للكرد الفيليّين. بما جاء في الصفحات 20، 21 من أقوال، وآراء عجيبة، حول إنتماء الكرد الفيليّين. نقتطف من هذه الأقوال، هذا المقتبس الذي جاء في الصفحة (20) من المصدر أعلاه، حيث نقرأ:-"وعن الكرد، نورد ما كتبه المسعودي، عنهم، في كتابه الموسوم، (التنبيه والإشراف)؛ ويعود تاريخ تاليف الكتاب، إلى عام (245هـ) أي بعد سقوط الدولة الساسانية، بحوالي ثلاثة قرون، وقد حدّد المناطق، والعشائر الكردية، بالشكل الآتي:-
"البازنجان، والشوهنجان، والشاذنجان، والنشاورة، والبوزيكان، واللرية، والجورقان، والجاوانية، والپارسيان، والجلالية..." إنتهى. وبعد أن يستطرد، في ذكر العشائر الكردية، نراه يُنظّر بالقول:-
"وهنا نلاحظ، أن من بين الشرائح الكردية، يردّ اسم الپارسيان، وهم الپارس (الفيلية)، وهؤلاء يقطنون إقليم (پارس) الذي عُرفَ بعد الإسلام باسم إقليم فارس" إنتهى. ويجب أن نعرج على ماورد في هذا النصّ، من أقوال الدكتور محمد بالقول: لو كان القارئ لهذا التنظير أو الكلام سطحياً أو جاهلاً، ولم يرَ بين العشائر الكردية التي ذكرها المسعودي، العشيرة اللرية، حالها حال الپارسيان الذي ادّعى الدكتور محمد، بأن المراد بها الپارس (الفيلية) رغم أن المسعودي، لم يذكر مثل هذا القول على الإطلاق، ولو لم يكن لدى كلّ، المطّلعين على تفرعات عشائر اللر، والتي جاء ذكرها بلفظ (اللرية) علم بانقسام اللريّين، إلى قسمين، وهما اللر الكبير المراد بهم البختيارية، واللر الصغير المراد بهم الفيلية. لَسلَّمَ بصحة ما ادعاه، صاحب هذا الاجتهاد المغالي في تنظيره، ولكن الجميع دون استثناء، يعلمون بكون الفيليّين، ولشدة صلتهم باللور، يسمّون في كافة المصادر، التي تتعرض لوضع هذه الفئة من العشائر الكردية باللور الصغير، أو اللور الأصلي. كما أننا لم نسمع، ولم نقرأ، ولم يدّعي أحد انتساب الفيلية، إلى الپارسيان، أو أنهم يقيمون، في إقليم فارس!! على حدّ زعم (الأخ الدكتور محمد)، ويوغل صاحبنا في الصفحة (21) من المصدر عينه، مدّعياً:-
"فعندما يقول الكردي، أنا فيلي فإنه يقصد أما أنه من إقليم (پارس)، أو أنه يتكلم اللغة الكردية باللهجة الپارسية (الفيلية)". إنتهى.
بماذا عسانا أن نعلق، على هذه الكلمات؟! يبدو أن الدكتور محمد عبد الله عمر، ناوٍ على تفريس الكرد الفيليّين، ويبدو كذلك أنه يجهل أو لربّما يتجاهل، وذلك ليس ببعيد، المبررات التي ارتكز عليها نظام البعث!!! في إخراجه الكرد الفيليّين من العراق، بنفيهم في ثمانينيات القرن المنصرم، إلى إيران. زاعماً بأن الكرد الفيليّين فرس، ومخربون، ويمثلون طابوراً خامساً لأعداء العراق، من عجمٍ حاقدون... وللبرهنة على صحة مانقول، بشكل جدي ننقل ما كتبه الأستاذ، حسن العلوي في الهامش (1) أسفل الصفحة (38) من كتابه القيّم "الشيعة والدولة القومية، في العراق" من إصدارات، دار نشر "الروح الأمين" عام 1426هـ/2005م ذاكراً بهذا الصدد:-
"يقول سليم طه التكريتي، في هامش الصفحة (31) من ترجمة العراق الحديث (لونكريك)، وهو يتحدث عن الكرد الفيلية:- "هؤلاء من الأصول الأساسية، للعنصر الفارسي، وإنّ لغتهم فارسية!! وإن اختلفت في لهجتها، كما أنّ ولاءهم على طول الأزمان، كان لحكام بلاد فارس. وليس للبلد الذي يعيشون فيه، وهو العراق" انتهى.
إن الدكتور محمد عبد الله عمر، لو وعى ما قدّم من طروحات، وأنا أفترض في مراميه، وغاياته حسن النية، خطورة ما ادّعاه، في كل ما أشار إليه بقصدٍ، ودون قصد. فإن المحلل لآرائه سيصل إلى أن الدكتور محمد... أراد أن يوحي لدى القارئ، أن حكومة البعث كانت محقة ومعذورة، في كل ما سلكته من أساليب وسياسات بحق الكرد الفيليّين!! من مصادرة أموالهم وزجّ شبابهم في المعتقلات، ونفي النساء والكهول، إلى مجاهل إيران، في ظرفٍ اشتدت فيه وتيرة العمليات الحربية، على جبهات القتال، بدفعهم مرغمين إلى اجتياز حقول الألغام، في تلك الساعات الحرجة، من تاريخ هذه الشريحة الممتحنة، أثناء نفيهم إلى إيران، أيام الحرب العراقية الإيرانية. طالما كانوا عرقياً "كما كانت تشيع وسائل الإعلام لدى النظام الحاكم في حينه" ثمانينيات القرن الماضي من بقايا الفرس "وهو ما يروج له الدكتور محمد عبد الله عمر أيضاً، وتلك هي الرزية للأسف" بغرض افهام الرأي العام بان اولئك المهجرين من الكرد الفيليين انما هم من الذين تخلفوا عن اللحاق، بركب أبناء جلدتهم في إيران!! وإنا لله، وإنا إليه راجعون. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. إنّ رأينا بمن يساوي بين كلمتي فيلي، وفارسي كرأينا بمن يساوي بين كلمتي زيدي و(إيزدي أو يزيدي) بحسب ماهو شائعٌ لدى آخرين، وبين كلمتي شيوعي، وشيعي.
رغم انعدام أي شبه لفظي يفترضه هذا وذاك بين كلمتي فيلي، وفارسي. إلا إذا اندفع البعض، ممن يركبه الهوس إلى اختلاق، مثل هذا الشبه مفترياً على الكرد الفيليّين دون وعي لما يقول أو متظاهراً بحسن النيّة، لغايات في دخيلة نفسه. إن في العين قذى، وفي الحق شجا، من هذا الذي يدّعون. أهو مديحٌ أم تشهير، هذا الذي يُدبّج وينشر بحق الكرد الفيليّين؟! إني لأعتب على الأخ علي حسين فيلي، مدير مؤسسة –شفق- بتبنيه لمثل هذه الطروحات، بتخصيص ملحق تابع لمجلة المؤسسة، يتضمن ما أوردناه من مغالطات، ونصوص تسيء الى الكرد الفيليين. فأتساءل كيف أفلتت هذه الكتابات، من بين يديه، وهو المعروف عنه، بالحرص والشعور القومي الواعي، فهل من إجابة. مع بالغ اعتزازنا بشخص الأستاذ علي حسين فيلي، وتقديرنا العالي لما يبذله من جهود مشكورة، في إعلاء شأن هذه الشريحة الأصيلة في كرديتها وعراقيتها. وإن تساؤلنا يجيء هنا من باب "ليطمئن قلبي"، كما لازلنا نكن للأستاذ علي حسين فيلي كل المودة، ولكن التساؤل في مثل هذا المقام حقٌ مشروع. مع تمنياتنا له بالسداد والتوفيق، في إدارة مؤسسة شفق والوصول بها إلى الأهداف والغايات المنشودة.
أخوكم جمال حسن المندلاوي