![]() |
Mani ماني نقلا عن موقع ویکیپدیا |
"ماني" ذلك المصلح الكوردي الفيلي - جمال حسن المندلاوي
لاشك بأن الكثيرين، قد قرأوا عن "ماني" ذلك المصلح العراقي، الذي سبق ظهوره الإسلام بثلاثة قرون تقريباً، حيث كانت ولادته في، دشت ميشان، إحدى جهات ميسان (العمارة) حالياً، عام 215م. والذي نستطيع أن نضعه في مصاف كمفوشيوس الذي ظهر في الصين، وبوذا الذي ظهر في الهند ومن بمنزلتهم من المصلحين. غير أن ما خفي من أسرار وحقائق، عن هذه الشخصية الدينية هو الأهم من بين كل ما سنسلط عنه الضوء في هذه الجولة السريعة من معلومات تاريخية تثير الاهتمام، لكل من لم يطلع عن كثب على تفاصيل مهمة عن جذوره، وأرومته. ومن بين ما سنكشف من أسرار جديرة بالإطلاع عن ماني المصلح، انه كان كوردياً فيلياً؟!! نعم لقد كان "ماني" كوردياً فيلياً!! ومن بين من أعلن عن هذه الحقيقة الدكتور، أو الپروفيسور جمال رشيد احمد، في مصنفه الضخم "ظهور الكورد في التاريخ" الصفحة (560) من الجزء الأول والصادر عن دار آراس للنشر، في أربيل عام 2005م. حيث يقول:-
"وقد اشتهر أبو البشر، وأم البشر عند النبي الفيلي الكوردي "ماني" خلال أواسط القرن الثالث باسم كيه مرد، ومورديانك (النفس الميتة)، ومن جهته رأى ماني، أنه كان في مبدأ العالم كونان، أحدهما نور، والآخر ظلمة.." انتهى.
وقد راجعت مصدراً أجنبياً، مترجماً حول ماني وديانته، كي أتثبت، من كون أنّ هذا الداعية الديني كان كوردياً فيلياً بالفعل، للمستشرق جيواويد نغرين، الذي عربه المترجم السوري، الأستاذ سهيل زكار بعنوان "ماني والمانوية" حيث نقرأ، في الصفحة 39 (صادر في دمشق عام 2005م) ما هو نصّه:-
"عاش حوالي عام 200 بعد الميلاد أمير، فرثي اسمه فتق، كان من أصل أشكاني، عاش في مدينة همدان، عاصمة إقليم ميديا، وكان متزوجاً من سيدة حملت اسم مريم، وهي تسمية يهودية مسيحية، وكانت مريم تنتمي إلى أسرة كمرشكان (كەمەرشكان)، وهي أسرة إمارة، من أسر الدولة الفرثية، كما أنها كانت فرعاً من فروع الأسرة الأشكانية الحاكمة للإمبراطورية الفرثية وهي الأسرة التي قدرّ لها أن تشغل دوراً بارزاً، في تاريخ أرمينيا، وعليه فان الدم الملكي الأشكاني الذي أسهم به الأبوان، قد سرى في عروق الابن الذي كتب لمريم أن تلده" انتهى.
![]() |
Mani ماني نقلا عن موقع ويكيبديا |
الدلائل على صلة الكورد الفيليّين بالفرث الأشكانيّون؟!
يذكر الأستاذ/المؤرخ زبير بلال إسماعيل في الصفحة 38 من تاريخ اللغة الكوردية (صدر في بغداد عام 1977م) بشأن صلة اللغة الپارثية الأشكانية، باللهجة الفيلية:- "وكذلك الحال، بالنسبة إلى اللهجة الفيلية، لأن كلمة فيلي التي أصبح فيها حرف الپاء فاءاً، والهاء ياءاً، وفق قواعد تبديل الأصوات، اسماً لـ "اللور" أو الفيلي وقد اشتقت من كلمة (پەرتى-پەيلى) القديمة التي هي اسم الپارثيّين الاشكانيين" انتهى.
وكي لا يتهمنا القراء، والمطالعون بالتهويل والمبالغة، نرى من الضروري استعراض المصادر التاريخية الأخرى التي تؤكد صلة الپارث الأشكانيون، بالكورد الفيليّين تاريخياً، وهذه المصادر على التوالي، وحسب تسلسلها الزمني:-
أولاً- القضية الكوردية، ماضي الكورد وحاضرهم، الصفحة (16) تأليف الدكتور بلج شيركوه (الاسم المستعار، للأمير ثريا عالي بدرخان) صادر عن مطبعة السعادة، القاهرة عام 1930م.
ثانياً- مسألة توحيد اللغة الكوردية، الصفحات (10، 11) تأليف الأستاذ عصمت شريف وانلي، صادر في بغداد عام 1960م.
ثالثاً- كما أشار الدكتور محمد عبد الله عمر، رئيس جامعة صلاح الدين في أربيل، في بحثٍ جاء، تحت عنوان (فيلي) نشر في العدد (4222) من جريدة التآخي، بتاريخ الأربعاء 5/4/2004م، الصفحة التاسعة. إلى صلة اللهجة الكوردية الفيلية باللغة الپارثية الأشكانية ولو شئنا لأضفنا أضعاف هذا العدد، ولكننا اقتصرنا على ذلك، دفعاً للإطالة.
![]() |
جزء(قصاصة) من سيرة حياة ماني في كتابه (ماني نامه) في احدى متاحف مدينة كولن الالمانية |
عراقية الديانة المانوية على المحكّ:-
يقول الباحث العراقي، رشيد الخيون، عن هويّة هذه الديانة (ص44، صدر في بغداد عام 2005م) ما هو نصّه:-
"ظهرت بالعراق، في القرن الثالث الميلادي، وليست فارسية بحال من الأحوال، فمن أهدافها إقامة كنيسة بابل، وأن الوحي والاجتماع المانوي الرسمي لا يتم إلا ببابل، وأن مؤسسها ولد بالقرب من كوثى البابلية... وكان ماني قد قتل بالمدائن بعد محاكمة، في حضرة بهرام الأول، بتحريض من فقهاء المجوس سنة 279 ميلادية" انتهى.
- كما يقول باحث عراقي آخر، وهو الأستاذ سليم مطر في الصفحة 261 من الذات الجريحة (صدر في بغداد وبيروت عام 2008م) بشأن هوية هذه الديانة ما هو نصه:-
"المؤرخون قاطبةً يتفقون، على أن ماني، ولد وعاش في بابل وميسان، وكانت لغته الأم ولغة كتبه وإنجيله المعروف هي اللغة السريانية، وقد ترجمت كتبه فيما بعد باللغات الفارسية، والتركية (الإيغورية) واليونانية، واللاتينية، والقبطية" انتهى.
كما نرى أن الباحث سليم مطر قد قال ذلك في الصفحة (260) من نفس المصدر:-
"مشكلة تحديد هوية هذا الدين، وصانعه (ماني)، تبدأ عند الحديث عن الشعب والحضارة، اللذين ينتمي إليهما بكل بساطة تم اعتباره إيرانياً فارسياً، لأنه ظهر في بلاد النهرين، عندما كانت تابعة للإمبراطورية الإيرانية. مثلما تم اعتبار المسيح وتراث المسيحية جزءاً من تاريخ روما، لأن المسيحية نشأت في الشام في ظل السيطرة الرومانية!، جميع تفاصيل تاريخ المانوية، تثبت بلا جدال عراقية هذا الدين، وعلاقته المباشرة بما سبق، وبما لحق من تاريخ العراق الفكري والديني حتى نهاية العصر العباسي" انتهى.